لقد استأثر الله وحده بوقت قيام الساعة، فلا يعلم ذلك الوقت ملك مقرب ولا نبي مرسل، قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [الأعراف: 187]، وقال سبحانه: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ [الزخرف: 66]، وقال سبحانه: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [محمد: 18].
وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث سؤال جبريل، قال: «فأخبرني عن الساعة قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان». (مسلم حديث 1).
اقتراب يوم القيامة
لقد تحدث القرآن الكريم عن قرب الساعة في كثير من آياته، فقال تعالى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
[النحل: 1].
وقال جل شأنه: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الأنبياء: 1]، وقال سبحانه: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر: 1]، وقال سبحانه: قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا [الإسراء: 50، 51]، وقال سبحانه: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [الأحزاب: 63]،
وقال سبحانه عن اقتراب يوم القيامة: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ( 8 ) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُئْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى
[المعارج: 6-18].
الحكمة من تقديم علامات الساعة
الحكمة من تقديم أشراط الساعة ودلالة الناس عليها تنبيه الناس من رقدتهم وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة ؛ كي لا يتباغتوا بالحيلولة بينهم وبين تدارك ما فاتهم من أعمال صالحة، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة، قد نظروا لأنفسهم وانقطعوا عن الدنيا واستعدوا للساعة الموعود بها.
علامات اقتراب الساعة
لاقتراب يوم القيامة علامات صغرى وعلامات كبرى:
فمن العلامات الصغرى:
1- بعثة النبي صلى الله عليه وسلم :
عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بُعثتُ أنا والساعةَ كهذه من هذه، أو: كهاتين، وقرن بين السبابة والوسطى». (البخاري 6503).
2- قتال اليهود والانتصار عليهم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله». (البخاري 2925).
3- موت النبي صلى الله عليه وسلم وفتح بيت المقدس وكثرة المال وفتنة عظيمة تدخل كل بيت وهدنة مع الروم:
عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال: «اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان (كثرة الموت)، يأخذ فيكم كقعاص الغنم (داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة)، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر (الروم) فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية (راية) تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا». (البخاري حديث 3176).
4- قلة العلم وكثرة النساء:
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد».
(البخاري 81).
5- اتباع المسلمين لليهود والنصارى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم، فقال: ومن الناس إلا أولئك». (البخاري 7319).
6- إلقاء السلام على المعارف فقط:
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أشراط الساعة أن يُسلِّم الرجل على الرجل لا يُسلم إلا للمعرفة».
(مسند أحمد 6/398 ح3848).
7- خروج نار عظيمة بالمدينة تضيء أعناق الإبل ببصرى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى». (البخاري ح718، ومسلم 2902).
وقد وقعت هذه العلامة في المدينة عام 654 واستمرت خمسة أيام. (فتح الباري 13/85).
8- القتال بين فتئين عظيمتين من المسلمين دعوتهما واحدة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة».
(البخاري حديث 7121).
قال ابن حجر: المراد بالفئتين (علي رضي الله عنه ومن معه)، و(معاوية رضي الله عنه ومن معه). (فتح الباري 13/92)،
وقد حدثت المقتلة في موقعة صفين.
(فتح الباري 6/713).
9- انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم لعلي أكون أنا الذي أنجو». (مسلم حديث 2894).
10- ظهور الدجالين الذين يدّعون النبوة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله». (البخاري حديث 3609، ومسلم حديث 84).
11- انتشار المزارع والأنهار في الجزيرة العربية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدًا يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا». (مروجًا: أي رياضًا ومزارع).
(مسلم حديث 60).
12- ضياع الأمانة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : متى الساعة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة». قال: كيف إضاعتها ؟ قال: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة». (البخاري حديث 59).
13- التفاخر بزخرفة المساجد:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد».
(صحيح أبي داود للألباني حديث 433).
قال صاحب كتاب عون المعبود: قوله صلى الله عليه وسلم : «حتى يتباهى الناس في المساجد». أي: يتفاخر في شأنها أو بنائها، يعني يتفاخر كل أحد بمسجده، ويقول: مسجدي أرفع أو أزين أو أوسع أو أحسن ؛ رياء وسمعة اجتلابًا للمدح.
(عون المعبود 2/83).
علامات الساعة الكبرى
عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: «اطلع النبي علينا ونحن نتذاكر فقال: «ما تذكرون؟» قالوا: نذكر الساعة. قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف ؛ خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
(مسلم 4/2901).
تتابع أشراط الساعة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خروج الآيات بعضها على بعض يتتابعن كما تتابع الخرز».
(صحيح ابن حبان 2/1882).